لسنا دعاة حرب ولكن إذا فرض علينا القتال فنحن «أهله»

: بقلم: جمال جورج

كتب: بقلم: جمال جورج

 

“نحن لسنا دعاة حرب ولكن إذا فرض علينا القتال فنحن أهله” دوت هذه الكلمات كطلقات رصاص فى أصداء أجواء إحتفالات افتتاح قاعدة ٣ يوليو البحرية التى تعتبر نجما جديدا من صنع الجيش المصرى، ولا يمكن أن تمر على أذهان المتعمقين والمتأملين تلك العبارة التى ستخلد فى كتب ودفاتر التاريخ مرور الكرام، تلك الجملة البليغة التى تحمل رسالة واضحه ومباشرة وصريحة لكل أعداء الوطن بل لكن من يسول له خياله المريض أن يقترب مجرد الإقتراب من الحزام الأمنى لمصر.

 

 

جيشنا الذى كنا ولازلنا وسنظل إلى أخر يوم بعمرنا نفخر به وبرجاله بل الأكثر من ذلك يمكن أن يأخذنا فى بعض الأحيان الغرور لكى نضعه فى مصاف المؤسسات التى نضع بها ثقتنا الكاملة وذلك لأنه يمتك عقيدة عسكرية قتالية تضعه فى مراتب الشرف الأولى وتجعلنا ننظر له نظرة إعجاب وإمتنان وثقة.

 

 

ولعل العميد ياسر وهبه لخص فى كلمته خلال افتتاح قاعدة ٣ يوليو البحرية ما يدور فى عقول وقلوب المصريين نحو مخاوف أزمة سد النهضة التى ستؤثر حتما على حصتنا فى مياه النيل، كما أرسل إشارات مبطنة أوضح فيها أن جيشنا المصرى لا يميل للحرب أو للبغى أو العدوان أبدا وهذا ثابت فى تاريخه على مر السنوات ولكن إذا اضطررنا للقتال دفاعا عن حقوقنا وحياتنا وصورتنا وكياننا فنحن أهله، وقد إستخدم عبارة أهله وليس أهلا له عمدا للتدليل على قوة الثقة فى الإمكانيات وفى أنفسنا وما نستطيع أن نفعله كما استشهد بأبيات شعرية بديعة للشاعر حافظ إبراهيم شاعر النيل لبلورة المعنى المنوط بنا الحديث عنه.

 

 

لن نطيل كثيرا فى هذه النقطة بل سننطلق إلى جلسة مجلس الأمن التى كانت أمس الخميس بحضور الدول الأعضاء، وأريد أن أبدى بعض الملاحظات التحليلية حول نطاق سير الجلسة، حيث تفوق السفير سامح شكرى وزير الخارجية ومن أكثر الوزراء المحببين لدى لمواقفه المستميتة وإخلاصه فى أداء مهامه الدولية وعدم السماح بالمساس بمصر ولو بحرف دون تفنيده والرد عليه بل وضرب الصاع صاعين للباغين.

 

 

كما أنه حرص على قراءة الكلمة كاملة باللغة الإنجليزية وما تحويه من مصطلحات ومفردات استراتيجية قد يعتبرها البعض ثقيلة من أجل توصيل الرسالة على أكمل وجه لجميع الدول المشاركة فى الإجتماع وكان فحوى خطابه واضحا بأننا إجتزنا كل السبل الرسمية المتعارف عليها من أجل الوصول لحلول فى عملية التفاوض مع الجانب الاثيوبي إلا أنهم متعنتون ويصرون على مواقفهم السوداء التى تخفى فى طيآتها قطعا مؤامرة.

 

 

فالأمر لا يتعلق بقضية تطوير كهرومائى أو كهربى كما يدعون بل بفرض نفوذ جديد فى منطقة القرن الأفريقى ونفاجأ بعد فترة باحتكارهم لمياه النيل وبيعهم لنا، المياه التى هى حق أصيل ومكتسب لنا كدول مصب.

 

 

ولا يمكن الجزم بأن اتفاقية المبادىء التى كانت فى ٢٠١٥ أوقفت المد الأثيوبي وآبى أحمد عند حده بل استخدموها كمسكن لدول حوض النيل من أجل العمل على الملء الثانى للسد وهو الأمر الذى يشكل خطورة بالغة تتعلق بالمنطقة الأفريقية بأثرها وليس مصر والسودان فقط ذلك لأن الجانب الاثيوبى لم يفصح حتى هذه اللحظة عن فنيات بناء السد ومعدلات الأمان المتعلقة بأساسياته وميكانيكية عملية الملء والتخزين مما يلقى بظلال الشك لا محال حول الأهداف السامة الأثيوبية.

 

 

لقد تدرجت مصر فى عملية المفاوضات طيلة عشر سنوات إلى المنتهى حتى وصلنا لمواجهة فى مجلس الأمن وقد تجاهلنا كل التصريحات المستفزة الفترة الماضية لبعض القادة العسكريين فى أثيوبيا بأنهم قادرين على صد العدوان والدخول فى حروب، والسؤال الأهم كيف يكون لهم كل تلك القوة التى يتغنون بها وقد تم أثر نصف قوات آبى أحمد فى تيجراى؟.

 

 

لقد أفصح رئيس الوزراء الأثيوبي عن نواياه مبكرا بعد أن تهرب مرارا من صياغة اتفاقية مشتركة وواضحه معلنة المبادىء حول إيجاد صيغة تفاهم مشتركة مع مصر والسودان فيما يتعلق بالسد والأغرب والأعجب من ذلك تبجح وزير الرى الأثيوبي فى الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن وانتقاده لرفضنا إقامة سد دون بنود واضحة بينما لدينا سدود مصرية أخرى على نهر النيل ولم يتكلم أو يعترض أحد؟ وكيف له أن يقارن مقارنة ظالمة غير منطقية وليست فى محلها؟.

 

 

لقد وصل صوتنا إلى العالم أجمع ونحن نطالب بحقوقنا المشروعة، لم نجور أو نفتأت على أحد ولكننا لن نسمح بأن تمس قطرة مياه واحدة من حقنا دون وجه حق والتاريخ يشهد على مواقفنا.